صوت المدونة

الخميس، 23 أكتوبر 2008

لقطة (4) من كتاب حوار مع صديقي الملحد .

رجعنا و الحمد لله للقطات كتاب " حوار مع صديقي الملحد " لمصطفى محمود و احنا دلوقتي وصلنا للقطه رقم (4) و هى كما نوهت من قبل تعتبر الجزء التاني و تكلمه للقطه رقم (3) لانها بترد على نفس مجموعه الاسئله التي طرحها الصديق الملحد و اسمحولي اكررها للتذكره :







- أنتم تقولون إن الله يجري كل شيء في مملكته بقضاء وقدر، وإن الله قدر علينا أفعالنا ، فإذا كان هذا هو حالي . . وأن أفعالي كلها مقدرة عنده فلماذا يحاسبني عليها ؟


لا تقل لي كعادتك . . أنا مخيَّر . . فليس هناك فرية أكبر من هذه الفرية ودعني أسألك :


هل خيرت في ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني ؟


هل باختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ؟


هل باختياري ينزل علي القضاء ويفاجئني الموت و أقع في المأساة فلا أجد مخرجاً إلا الجريمة . .


لماذا يكرهني الله على فعل ثم يؤاخذني عليه ؟


وإذا قلت إنك حر ، وإن لك مشيئة إلى جوار مشيئة الله ألا تشرك بهذا الكلام وتقع في القول بتعدد المشيئات ؟


ثم ما قولك في حكم البيئة والظروف ، وفي الحتميات التي يقول بها الماديون التاريخيون ؟




و كان جزء من الرد على هذه الاسئله في اللقطه السابقه و الان نكمل الجزء الثاني ......



{ ولَو شاء ربك لآمن من فِي الأَرضِ ُ كلُّهم جمِيعا أَفَأَنت تكْرِه الناس حتى يكونواْ مؤمِنِين } 99 سورة يونس


ليس في سنة الله الإكراه .


والقضاء والقدر لا يصح أن ُيفهم على أنه إكراه للناس على غير طبائعهم .. وإنما على العكس .. الله يقضي على كل إنسان من جنس نيته .. ويشاء له من جنس مشيئته ، ويريد له من جنس إرادته ، لا ثنائية ... تسيير الله هو عين تخيير العبد ، لأنه الله يسيّر كل امرئ على هوى قلبه وعلى مقتضى نياته ..



{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } ..... سورة الشورى : 20


{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } ... سورة البقره : 10

{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى } ..... سورة محمد : 17


وهو يخاطب الأسرى في القرآن :


{ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ } ..... 70 سورة الأنفال


الله يقضي ويقدّر ، ويجري قضاءه وقدره على مقتضى النية والقلب .. إن شراً فشر وإن خيراً فخير.. ومعنى هذا أنه لا ثنائية .. التسيير هو عين التخيير .. ولا ثنائية ولا تناقض .. الله يسيّرنا إلى ما اخترناه بقلوبنا ونياتنا ، فلا ظلم ولا إكراه ولا جبر ، ولا قهر لنا على غير طبائعنا ..


{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } ..... 5 سورة الليل


{ وَمَا رَمَيْت إِذْ رَمَيْت وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى } ..... 17 سورة الأنفال


هنا تلتقي رمية العبد والرمية المقدرة من الرب ، فتكون رمية واحدة.. وهذا مفتاح لغز القضاء والقدر .. على العبد النية، وعلى الله التمكين، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر..

والحرية الإنسانية ليست مقداراً ثابتاً ، ولكنها قدرة نسبية قابلة للزيادة ..

الإنسان يستطيع أن يزيد من حريته بالعلم .. باختراع الوسائل والأدوات والمواصلات استطاع الإنسان أن يطوي الأرض ، ويهزم المسافات ، ويخترق قيود الزمان والمكان .. وبدراسة قوانين البيئة استطاع أن يتحكم فيها ويسخرها لخدمته، وعرف كيف يهزم الحر والبرد والظلام ، وبذلك يضاعف من حرياته في مجال الفعل ..


العلم كان وسيلة إلى كسر القيود والأغلال وإطلاق الحرية ..

أما الوسيلة الثانية فكانت الدين .. الاستمداد من الله بالتقرب منه .. والأخذ عنه بالوحي والتلقي والتأييد .. وهذه وسيلة الأنبياء ومن في دربهم ..

سخّر سليمان الجن وركب الريح وكلّم الطير بمعونة الله ومدده ..


وشق موسى البحر .. وأحيا المسيح الموتى .. ومشى على الماء .. وأبرأ الأكمه والأبرص والأعمى ..

ونقرأ عن الأولياء أصحاب الكرامات الذين ُتطوى لهم الأرض وتكشف لهم المغيبات ..

وهي درجات من الحرية اكتسبوها بالاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله والتحبب إليه .. فأفاض عليهم من علمه المكنون ..

إنه العلم مرة أخرى ..

ولكنه هذه المرة العلم "اللدني" ..

ولهذا ٌيلخص أبو حامد الغزالي مشكلة المخيّر والمسيّر قائلاً في كلمتين :

الإنسان مخيّر فيما يعلم ..

مسيّر فيما لا يعلم ..

وهو يعني بهذا أنه كلما اتسع علمه اتسع مجال حريته .. سواء كان العلم المقصود هو العلم الموضوعي أو العلم اللدني ..






ويخطئ المفكرون الماديون أشد الخطأ حينما يتصورون الإنسان أسير الحتميات التاريخية والطبقية .. ويجعلون منه حلقة في سلسلة من الحلقات لا فكاك له ، ولا مهرب من الخضوع لقوانين الاقتصاد وحركة ا.تمع ، كأنما هو قشة في تيار بلا ذراعين وبلا إرادة ..


والكلمة التي يرددونها ولا يتعبون من ترديدها وكأنها قانون : "حتمية الصراع الطبقي" وهي كلمة خاطئة في التحليل العلمي ، لأنه لا حتميات في المجال الإنساني ، وإنما على الأكثر ترجيحات واحتمالات .. وهذا هو الفرق بين الإنسان ، وبين التروس ، والآلات والأجسام المادية .. فيمكن التنبوء بخسوف الشمس بالدقيقة والثانية ، ويمكن التنبؤ بحركاتها المستقبلة على مدى أيام وسنين .. أما الإنسان فلا يمكن أن يعلم أحد ماذا ٌيضمر وماذا ٌيخبئ في نياته ، وماذا يفعل غداً أو بعد غد ..ولا يمكن معرفة هذا إلا على سبيل الاحتمال والترجيح والتخمين ، وذلك على فرض توفر المعلومات الكافية للحكم ..


وقد أخطأت جميع تنبؤات كارل ماركس ، فلم تبدأ الشيوعية في بلد متقدم كما تنبأ ، بل في بلد متخلف ، ولم يتفاقم الصراع بين الرأسمالية والشيوعية ، بل تقارب الاثنان إلى حالة من التعايش السلمي ، وأكثر من هذا فتحت البلاد الشيوعية أبوابها لرأس المال الأمريكي .. ولم تتصاعد التناقضات في المجتمع الرأسمالي إلى الإفلاس الذي توقعه كارل ماركس ، بل على العكس ، ازدهر الاقتصاد الرأسمالي ووقع الشقاق والخلاف بين أطراف المعسكر الاشتراكي ذاته ..


أخطأت حسابات ماركس جميعها دالة بذلك على خطأ منهجه الحتمي .. ورأينا صراع العصر الذي يحرك التاريخ هو الصراع اللاطبقي بين الصين وروسيا ، وليس الصراع الطبقي الذي جعله ماركس عنوان منهجه .. وكلها شواهد على فشل الفكر المادي في فهم الإنسان والتاريخ ، وتخبطه في حساب المستقبل .. وجاء كل ذلك نتيجة خطأ جوهري ، هو أن الفكر المادي تصوّر أن الإنسان ذبابة في شبكة من الحتميات .. ونسي تماماً أنّ الإنسان حر .. وأن حريته حقيقة ..


امّا كلام الماديين عن حكم البيئة والمجتمع والظروف ، وأن الإنسان لا يعيش وحده ولا تتحرك حريته في فراغ ..


نقول ردّاً على هذا الكلام : إن حكم البيئة والمجتمع والظروف كمقاومات للحرية الفردية إنما يؤكد المعنى الجدلي لهذه الحرية ولا ينفيه .. فالحرية الفردية .. لا تؤكد ذاتها إلا في وجه مقاومة تزحزحها..


أما إذا كان الإنسان يتحرك في فراغ بلا مقاومة من أي نوع فإنه لا يكون حراً بالمعنى المفهوم للحرية، لأنه لن تكون هناك عقبة يتغلب عليها ويؤكد حريته من خلالها ..


من كتاب
(حوار مع صديقي المحلد)
للعالم/ مصطفى محمود


***************************


اسف على التطويل بس هى اللقطه فعلاً كبيره و انا محبتش اشيل منها اي حاجه علشان ما اضيعش المعنى و المهم ان اللقطه غطت الاسئله كويس و بكدا نكون انتهينا من الجزء دا و من الاسئله دي ..

اما عن موضوع اللقطه القادمه فستكون بعنوان
" لماذا خلق الله الشر ؟ "


تــابــعــونــا

هناك تعليق واحد:

مؤمنه يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله كل خير على توضيح هذه النقاط التى هى ممله فى لقطه
اوضحت علاقة القدر بحرية الانسان

ومفهوم الحريه

استفدت كثيرا

جزاك الله كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

وفى انتظار البوست القادم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته